البث المباشر

الربيع في الشعر الفارسي والشعر العربي

الأربعاء 16 يناير 2019 - 10:00 بتوقيت طهران

الحلقة 41

المذيعة: بسم الله الرحمن الرحيم. مستمعينا الكرام في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نحييكم ونرحب بكم اجمل ترحيب في برنامجكم دراسات مقارنة في الادب الفارسي والاداب الاخرى الذي يعده ويشرف على تقديمه الدكتور عباس العباسي وهو الان معنا نحييه ونرحب به، اهلاً ومرحباً بكم دكتور.
الخبير: اهلاً وسهلاً بكم ومرحباً.
المذيعة: احبتنا المستمعين هذا البرنامج حاول جاهداً ان يلتزم بموضوع الادب المقارن وان يتابع المشتركات الادبية في المواقع التي التقى بها الادب الفارسي بالاداب الاخرى ولم يكن غافلاً عن التناسق مع المناسبات والمواسم الخاصة ومن ذلك هي الاعياد فنحن على اعتاب عيد النيروز وهو عيد وطني للشعب الايراني يحتفلون به ويولونه اشد الاهتمام وهو عيد من الاعياد الضاربة في اعماق التاريخ، اعماق تاريخ الشعب الايراني ومن مميزات هذا العيد انه مقترن بالربيع وكأن المرء اذا قال جاء الربيع يقول جاء النيروز.
اعزاءنا المستمعين الافاضل بهذه المناسبة خصصنا حلقة للربيع في الشعر الفارسي والشعر العربي فحاول ان نتجاذب اطلراف الحديث حولها مع خبير البرنامج دكتور عباس العباسي دكتور منذ متى كان عيد النيروز او النوروز بلفظ اخر مقترناً بالربيع وما هي الروايات عن ذلك؟
الخبير: بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين.
وانا اشكركم اولاً واتقدم بجزيل الشكر للبرنامج وكما اتقدم بالتهنئة والتبريك للامة الايرانية ومن يحتفل بهذا العيد وهو عيد سوف نتكلم عنه بأنه له مشتركات مع الاعياد الاسلامية، بالنسبة لسؤالك وما هي الروايات، نحن نقتصر الموضوع على رواية واحدة يقول الدكتور محمد معين في معجمه "كان عيد النيروز كأعياد المسلمين يدور مع السنة ويتغير موقعه في الفصول ولكن ليس بهذه السرعة التي تدور فيها المسلمين فمثلاً السنة الحادية عشرة من الهجرة المصادفة مع جلوس الملك يزد جرد ابن شهريار وهو اخر الملوك الساسانيين يقال انه كان النيروز في السادس عشر من حزيران اي قريباً من اوائل الصيف لكن لما جاء الملك السلجوقي في اواسط القرن الخامس الهجري وضع هذا التقويم المسمى بالتقويم الجلالي وثبت النيروز في اول السنة الايرانية وهو في بداية اول شهر فروردين من الاشهر الفارسية، فعلى هذه الرواية يكون النيروز استقبالاً للربيع كما ان هناك في التاريخ الايراني حتى قبل الاسلام هناك عيد اخر يسمى المهرجان وكان يحتفل به بداية الخريف واستقبال الخريف وكان ملوك الفرس يأمرون بأخراج ما في خزائنهم فيفرق على كل بسطانة الملك وخاصته ثم على سائر الناس وعلى مراتبهم.
المذيعة: ماذا كانوا يفعلون في المهرجان؟
الخبير: هذا بالنسبة لتفريق الاموال في الخزانة يكون في عيد النيروز اما في المهرجان كان ايضاً الملوك يجلسون يتقبلون الهدايا من الناس ولكنهم كانوا يفرقون الملابس ولا يبقون من ملابس الخزانة شيئاً ويعطون ذلك للناس.
المذيعة: يعني في عيد النيروز يفرقون الاموال وفي المهرجان كانوا يعطون الملابس؟ هل لان المهرجان او (المهركان) في فصل الخريف والناس مقبلون على الشتاء هل هذا مقصود؟
الخبير: ملاحظة ممتازة جداً وقد تكون هي السبب يعني وانا لا استبعد وذلك لم يوشر اليه ولكنك انتبهت الى هذه الملاحظ الجيدة.
المذيعة: دكتور متى بدأ اتصال العرب بالنيروز والمهرجان؟
الخبير: هو هذا ما بنبحث عنه يعني المشتركات في هذا البرنامج وحاولنا ان يكن هذا البرنامج وهذه الحلقة بالذات في متناسب مع هذا العيد، يقال كان في عهد معاوية انه كان يتقبل الهذايا وفي النيروز والمهرجان كما كانت تهدى هذه الهدايا للاكاسرة وعلى كل حال سواء اكانت تهدى الى معاوية بن ابي سفيان ام ان الحجاج ابن يوسف اول من رسم هذه العادة يعني اتصال العرب بالنيروز والمهرجان فعلى كل حال ان الامام العلي(ع) استنكر هذه الهدايا ثم ايطلها عمربن عبد العزيز ولكن اعادها احمد بن يوسف الكاتب في العصر العباسي الاول.
المذيعة: دكتور هل كان العباسيون يحتفلون بعيد النيروز وعيد المهرجان ومتى بدأ ذلك ان كانوا يحتفلونه؟
الخبير: كان العباسيون كما تعلمين وثيقي الاتصال بالايرانيين لان ابا مسلم الخراساني انتصر لهم بل نصرهم بجيشه على الامويين فمن هناك بدأ الارتباط والاتصال الوثيقان بين الايرانيين وبين العرب وبين العباسيين بالذات فجعل العباسيون يحذون حذو الايرانيين في كثير من المجالات الثقافية لاسيما العلمية ومنها العيدان يعني عيد النيروز وعيد المهرجان، فالبلاط العباسي كان يحتفل بعيد النيروز وعيد المهرجان احتفالاً كاملاً اما الخلفاء والولاة فكانوا يجلسون لتقبل التهاني واستماع مدائح الشعراء، وكان عبدالله بن طاهر يفرق كل ما في خزائنه من ملابس على سائر الناس كما كان يفعل الاكاسرة في المهرجان.
المذيعة: دكتور، هل كانت هناك مدائح يمدحون بها؟
الخبير: نعم كانت هناك، وصار من الشائع في قصائد الشعر والشعراء يعبرون عن الربيع بالنيروز فمثلاً هذا البحتري يقول في مدح الهيثم الغنوي:

اتاك الربيع الطلق يختال ضاحكاً

من الحسن حتى كاد ان يتكلما

وقد نبه النيروز في غسق الدجى

اوائل ورد كنّ بالامس توّما

هذا وصف جميل من النيروز من الربيع وهذه قصيدة طويلة مدح بها ذلك الامير. قال عبد الصمد بن بابك يخاطب الصاحب بن عباد وزيرعضد الدولة البويهي الديلمي:

لقد نشر النيروز وشياً على الربى

من النور لم تظفر به كف راقم

كأن بن عباد سقى المزن نشره

فجاد برشاش من الوبل ساجم

يعني كأن الصاحب بن عباد سقى الغيوم من كرمه وجوده فهذا السحاب الممطر بهذا الوابل من المطر كأنه متأثر بجود ابن عباد وهذا مدح واضح، اما ابن الرومي فهو يهنئ عبيدالله بن عبدالله بيوم المهرجان يقول:

ما رأت مثل مهرجانك عينا

اردشير ولا انوشيروان

مهرجان كأنما صورته كيف

شاءت مخيرات الاماني

واديل السرور واللهو فيه

من جميع الهموم والاحزان

المذيعة: دكتور ما هي اقدم العصور التي تناول الشعراء فيها الربيع بالوصف في الادب العربي والادب الفارسي؟
الخبير: يبدو ان ملوك الفرس كما قدمنا الان في العصر الساساني كانوا يتلفون الهدايا في عيد النيروز وهذا لا يبدو بل محقق والتاريخ يثبت هذا وكذلك في مناسبة عيد المهرجان ومن تلك الهدايا الشعر يعني كانوا يتقبلون الشعر ويمدحون بالشعر فأن صحت رواية صاحب كتاب التاج في اخلاق الملوك فان الشعر الارسي ووصف الربيع والنيروز يكون اقدم من الشعر العربي لكننا فعلاً لم نعثر على مثل الشعر الفارسي الذي يمدحون به او في مناسبات العيد ثم قال محمد معين "لم يذكر النيروز في كتاب اوستا" والاوستا من اقدم الكتب وهو كتاب ديني قد يكون لانه ديني لم يهتم بهذه القضية فعلى كل حال نحن لم نرى شعراً يمدح به الملوك الساسانيين فعلى كل حال اما الشعر الفارسي الذي الان هو موجود ظهر مرة ثانية في القرن الرابع الهجري وما بعده.
المذيعة: اذن دكتور هل لنا في الشعر العربي قبل الاسلام في وصف الربيع؟
الخبير: لا شك ان الشعر العربي هو حتى اقدم مما سجل له، يقال انه جاءنا بقرن ونصف قبل الاسلام قد يكون هناك فترة سبقت ذلك نحن لا نستطيع ان نشير اليها ولكن وصلنا من الشعر الجاهلي شعر كثير في وصف الطبيعة فهذا امرئ القيس الذي قصد القصائد وابدع في الوصف يقول في معلقته طبعاً:

اصاحي ترى برقاً اريك وميضه

كلمع اليدين في حبي مكلل

يضئ سناه او مصابيح راهب

امال السليط بالذبال المفتل

يعني البرق يشبه المصباح الذي تارة ينقص نور وتارة يزداد:

فأضحى يسح الماء فوق كتيفة

يكب على الاذقان دوح الكنهبل

ويتماء لم يترك بها جذع نخلة

ولا اطماً الا مشيداً بجندل

ومرّ على القنان نفيانه فانزل

منه العصمة من كل منزل

هذه القصيدة في وصف المطر ووصف الطبيعة وتراكم المطر وشدة المطر وانه يقتلع الاشجار وايضاً البيوت الا ما اشيد بالاحجار الكبيرة.
المذيعة: صحيح دكتور.
الخبير: انا اريد ان اشير هنا الى الشاعر الايراني المنوجهري الذي هو يعتبر من شعراء الوصف ومن اعظم الشعراء الايرانيين في هذا المجال وهو من شعراء النصف الاول من القرن الخامس الهجري وهو يجاري امرئ القيس متأثراً به كل التأثير يقول:

سر از البرز بر زد قرص خورشيد

چو خون آلوده دزدي سر زمكمن

يعني اطل قرص الشمس من قمة جبل البرز كأنه لص مدمى يطل مكمنه، هذا وصف جميل طبعاً.

بكردار چراغ نيم مرده

كه هر ساعت فزون گردد روغن

هذا ما اشير اليه في شعر امرئ القيس الذي قرأناه فعلاً يعني كأن قرص الشمس سراج يترجح ذباله او نور بأزدياد السمن له.

تو گفتي كز ستيغ كوه سيلى

فرود آرد همي احجار صد من

وكأن سيلاً من قمة الجبل ينزل يقتلع الاحجار.

فرو باريد باراني ز گردون

چوناني چون برگ گل بارد به گلشن

يعني وهطل مطر من السماء كأنه اوراق من الازهار تمطر على الرياض.
المذيعة: نعم دكتور هذا عن شعر الطبيعة ولكن ماذا عن الربيع والنيروز؟
الخبير: طبعاً الربيع والنيروز لايتجزءان من الطبيعة لكن في الشعر العربي والشعر الفارسي الكثير من الوصف في الربيع وحدثي ولا حرج، فهذا معلم الشعراء الايرانيين الرودكي وهو من شعراء القرن الرابع الهجري يقول في الربيع:

امد بهار خرم با رنگ وبوى طيب

با صد هزار زينت وآرايش عجيب

يعني جاء الربيع الخضل بالوانه وطيبه والحلي العجيبة، وهذا الكسائي المروزي من شعراء اواسط القرن الرابع يقول في وصف الورد والازهار وهذا كلام جميل يقول:

گل نعمتي الست هديه فرستاده از بهشت

مردم كريمتر شوند اندر نعيم كل

اي گل فروش گل چه فروشي به جاي سيم

واز گل عزيزتر چه ستاني به سينه گل

المذيعة: دكتور ماهي ترجمة هذه الابيات الفارسية التي ذكرتها انفاً؟
الخبير: يقول:
انما الورد هدية مهداة من الجنة والناس في نعمة هذا الورد يزدادون طيباً وكرماً. ثم يخاطب بائع الورد: قلي لماذا تبيع الورد بالفضة يعني بالنقود ثم ماذا تشتري بثمنها شيئاً افضل من الورد.
وهذا يعني ان الخيام اخذ هذا المعنى وقال:

من در عجبم ز گل فروشان كيشان

به زان كه فروشنده چه خواهند خريد

يعني هذا معنى البيت الثاني يعني انا اعجب من بائعي الورد فهم ماذا يريدون ان يشتروا بثمن هذا الورد الذي يبيعونه.
وعن النيروز سألتيني عن الطبيعة وعن الورد، يكفينا ان المنوجهري قال اكثر من اثني عشر قصيدة في وصف النيروز، منها هذا البيت:

بر لشكر زمستان نوروز نامدار

كرده است رأى تاختن وقصد كارزار

هجم النيروز القوي على جيش الشتاء يريد قتاله وايضاً هذا الشاعر الايراني العنصري الغزنوي يقول ايضاً في النيروز:

باد نوروزي همي در بوستان بد گر شود

تا زصنعش هر درختي لعبتي ديگر شود

يقول: يهب نسيم النيروز على الرياض ليكون نحاتاً ومن فنه تصبح كل شجرة كد مية جميلة.
المذيعة: احبتنا المستمعين وهكذا انتهت هذه الحلقة من برنامج دراسات مقارنة في الادب الفارسي والاداب الاخرى والتي كانت هذه الحلقة خاصة بعيد النيروز، نشكر الدكتور عباس العباسي ونشكركم احبتنا المستمعين والى اللقاء.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة